تكملة الموظوع
بعض الآيات التي قيلت أنها نزلت في شأن أبو طالب
1- البعض قال أن قوله تعالى: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)(الأنعام/26). أنها نزلت في أبي طالب.
ولمناقشة هذا القول يجب أن نسأل: ما هو الدليل؟ يقولون: تفسير قتادة.
وهنا نطرح سؤال هل قول قتادة كقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبول؟ هل قول قتادة حجة؟ وهو القائل بأن يزيد مِن أولي الأمر.
وقتادة يروى عن سفيان الثوري الذي قيل عنه في علم الرجال كذاب وضعيف ويقول عنه آخر مغلط مخلط أي كثير الغلط والخلط.
2- في قوله تعالى: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(القصص56).
والرواية التي تقول أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يتمنى هداية أبو طالب ولكنه مات كافراً ويستدل بهذه الآية وهذه الرواية يرويها سعيد ابن المسين.
ونطرح التساءل مرة أخرى: هل قول سعيد حجة؟ وهو الذي قيل له أحضر جنازة علي أبن الحسين زين العابدين يقول: ركعتان أصليهم خير من تشييع جنازة علي ابن الحسين. وكان من الناصرين للحجاج.
3- آية: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)(التوبة/113).
قال فيها بعض المفسرين المقصود من المشركين أبو طالب وأن الرسول كان يستغفر لأبي طالب.
ويمكن مناقشة هذا الرأي من جهتين:
1- هذا الدليل على العكس، كيف؟ باعتراف الكل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استغفر لأبي طالب والاستغفار للمشرك غير جائز في الإسلام فكيف يقدم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي كان يجسّد أحكام ومفاهيم الله في الوجود ولا يمكن عليه الخطأ والخطيئة على الأقل في التطبيقات المؤثرة على التشريع.
إذن استغفار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي طالب بذاته دليل على إيمان أبي طالب عليه السلام.
2- هذه الآية قد وردت في سورة التوبة وقد نزلت هذه الآية في عام 9 هجري وأبي طالب قد توفي 3 سنوات قبل الهجرة أي بين وفاة أبو طالب ونزول هذه الآية 12 سنة.
إذن ليس كل من فسر بالرأي أو التزم بطرق التفسير الصحيح أخذ بتفسيره إلاّ إذا استند إلى آية أخرى، أو اتبع الطرق الصحيحة في التفسير.
مواقف أبو طالب وتصريحاته النثرية والشعرية:
التاريخ ملئ بالتواتر المعنوي عن تصريحات أبو طالب النثرية والشعرية ومواقفه الدفاعية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الرسالة الإسلامية.
فمن خلال أبياته الشعرية نلتمس ثبات موقفه وحبّه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم كنبي من أنبياء الله سبحانه وتعالى.
فيقول في أبياته:
يا شـاهـد الله عـليّ فاشـهـد
أنـي عـلى ديـن النـبي أحـمدِ
وفي بيت آخر:
والله لن يصـلوا إليـك بجـمعهم
حـتى أُوسّـد بالتـراب دفـيـنا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضـة
وأبشـر بذاك وقـرّ منك عيونـا
ولقـد عـلمت بأن ديـن محـمد
من خيـر أديـان البـرية دينـا
ألم تعـلموا أن وجدنـا محـمداً
نبيٌ كمـوسى خط في أول الكفد
ومن مواقفه ودفاعه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما ألقت قريش على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم العلهج وهو ساجد في الصلاة، فأحضرهم جميعاً وقبض لحاهم بالدماء وقال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
أنت النـبي محـمـد
قـرم أغـر مـسـود
لمسـود بـن أكـارم
طـابوا وطاب المـولد
مازالت تنطق بالصواب
وأنـت طـفـل أمـرد
وإصراره وقوله لابنه علي عليه السلام أن يقف بجانب ابن عمه ثم يقول:
إن عـليّـاً وجـعفـراً ثقـتي
عنـد ملّـم الزمـان والنـوب
لا تخـذلا وانصـرا ابن عمكما
أخـي لأمي من بيـنهم وأبـي
تـالله لا أخـذل النـبـي ولا
يخـذلـه من بـني ذو حسـب
وموقفه العظيم حين ينوم ولده علي عليه السلام في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة الشعب، حتى يحافظ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا من حيث الرابطة النسبية فالولد في الرابطة النسبية أقرب من ابن الأخ، ولكن من حيث الموقف العقائدي الذي يعتقد به أبو طالب حيث يقول لابنه علي عليه السلام:
أصبر يا بني فالصبر أحجى كل حي مصيره لشعوب
قد بذلنـا والبلاء شديد لفـداء الحبيب وابن الحبيب
كل حـيّ وإن تمـلّى زمان آخذ من حمام بنصـيب
ويرد عليه علي عليه السلام:
سأسعى بعون الله في نصر أحمد نبي الهدى المحمود