العميل نافع عيسى.. خائن الزاد والملح والهوية العراقية

العميل نافع عيسى.. خائن الزاد والملح والهوية العراقية
مؤيد عبد الله النجار
يروي لنا التراث العراقي أن عصابة تسللت الى منزل في غياب أهله لغرض سرقة محتوياته، وفيما كان اللصوص منهمكين في سرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه شاهد زعيم العصابة كيسا مفتوحا يحتوي مسحوقا أبيض اللون، فانتابه الفضول بشأنه ومد اصبعه ليأخذ منه ما يتذوقه، فإذا به يستشعر أنه ملح، فما كان من زعيم اللصوص إلا أن أمر أتباعه بترك كل ما حملوه ومغادرة المكان فورا دون سرقة شيء، ولما تساءل هؤلاء ذاهلين عن سبب هذا القرار غير المتوقع أجابهم كبيرهم (لقد تذوقت من هذا فإذا هو ملح، فبات بيني وبين أهل الدار زاد وملح ولست أرتضي لنفسي أن أعيش بقية حياتي على أني خائن للزاد والملح)!
تلك قصة تناقلها الآباء عن الاجداد لما تحمله من مغزى عميق وحكمة لاتقدر بكنوز الأرض، فاللص في الحكاية كان رغم كونه لصا قد تعلم منذ الصغر أن هناك خطوط حمراء لايمكن للرجل أن يتجاوزها وإلا فإنه سيخسر شرفه وكرامته ورجولته ويعيش بقية عمره حقيرا ذليلا، ومن تلك الأمور عدم خيانة الزاد والملح، وقد تشرب اللص هذه العادات منذ صباه حتى بات بحكم فطرته وبساطة إدراكه يظن أن المسألة تتعلق بالملح ذاته.
واليوم، وفي العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي بتنا نفتقر لا الى شرفاء الأزمان الماضية بل إلى لصوصهم الذين قد يكونون أشرف من بعض ساسة عصرنا.
واذا نظرنا الى عميل المخابرات الايرانية نافع عيسى الذي لم يعرف عنه أي نشاط في مضمار السياسة سوى تطبيله وتزميره في ركب الملالي المعممين، مسافرا وعائدا ثم مسافرا وعائدا من الجارة ايران، حاملا في جعبته التعليمات والأوامر الجديدة التي أصدرها اليه ضابط المخابرات المرتبط به.
ونافع عيسى كان قبل أن ينحرف عن السلوك القويم ويخضع لبريق الذهب وخضرة الدولار رجلا عاديا بعيدا عن أي نشاط مشبوه..
وكان كباقي العراقيين يزور مخيم اللاجئين الايرانيين (أشرف) في محافظة ديالى قبل وبعد عام 2003 ، ويطلع على أوضاع اللاجئين المنفيين بسبب معارضتهم لحكومة الملالي في طهران، ويجلس معهم في المخيم الذي كانت ابوابه مفتوحة لكافة العوائل العراقية ويتبادل أطراف الحديث معهم ويشاركهم طعامهم على موائدهم المطرزة بالمحبة والأخوّة الصادقة التي لاتعرف الكذب والرياء.
وبين ليلة وضحاها حصل ما حصل وباع نافع عيسى نفسه قبل أن يبيع أصدقاءه وإخوته بثمن بخس، وكأنه لم يقرأ قوله تعالى: “إن الله لا يحب الخائنين” (الأنفال: 58)، وقوله تعالى: “إن الله لا يحب كل خوان كفور” (الحج: 38). و: “إن الله لا يحب من كان خوانا أثيماً” (النساء: 107)، و: “وأن الله لا يهدي كيد الخائنين” (يوسف: 52).
ومنذ عامين وهذا الجاسوس يكرس جهده على اقامة المهرجانات الداعية لطرد اللاجئين الايرانيين من العراق، وينظم التظاهرات الوهمية ويوزع المال الذي خصصته حكومة طهران على المرتزقة والمهرجين وبعض شيوخ القرن الحادي والعشرين مقابل الوقوف عند أسوار المخيم وإطلاق الشعارات المناوئة للمعارضين الإيرانيين.
ولعلها كلمات شديدة المرارة لو قيلت بحق انسان عراقي يتحلى بالشهامة والكرامة وعزة النفس والإباء لفضل أن يقتل نفسه قبل سماعها، ولكن صاحبنا الذي مات فيه الحس الإنساني وتم تشفير عقله من قبل وزارة المخابرات الايرانية لن يكترث لها، لقد خان نافع عيسى الملح والزاد، فبات في نظر نفسه ونظر عائلته واولاده واحفاده والأجيال القادمة خائناً لاشرف له ولا كرامة ولا أخلاق، وقبل هذا كله فقد خان هويته العراقية فخسرها الى الأبد.

» الرائد العميل جاسم محمد عليوي التميمي
» تعليمات وارشادات للمتظاهرين لأجل انجاح الثورة العراقية
» الاتفاقية الامنية العراقية !
» دجاج على الطريقة العراقية السهلة جداً
» الفرق بين الثلاجة اللبنانية والثلاجة العراقية